"لا تسألني"
لملمني إليك ولا تسألني...فقد كنت تائهة في متاهات الغربة والوحشة...وذاك المجهول القابع في طيات الزمن... يترشف غروب العمر
لا تسألني...أنا المدينة المنذورة لحزن يتآكل في داخلي... لهيب صمت يغتال الحروف...فيصبح الكلام عدم
مرارة الكلمات تعتلي سجوف حلقي...تقاوم صدى اعترافات أنثى...هي حفنة من خراب الماضي...ذاكرة تنزف سما زعافا يستل الشرايين.....
لا تسألني كيف مضغت وجعي...واجتررت مرارتي....
لا تسألني عن حزني المعتق في تجاويف كياني...عن دموعي التي تحجرت واكتست سواد الفناء....
لا تسألني...كيف تناسلت أيامي...وأنجبت ألما ينخر جفوني المتورمة...عن انكساراتي الرابضة وراء شموخ زائف...
لا تسألني...عن جرحي النابت بين كتفي...السامق كنخلة تعربد مقرورة تحت وطأة شتاء ظل الطريق.....
لا تربت بقوة على جرحي...فالقيح مستنفر للفراغ...يتجشأ عبق اللحظات...يتخبط لينشر عفن الذكريات المتورمة... خلايا سرطانية تنذر بالموت....
كل حزن يولد كبيرا...ويتهاوى مع الوقت...إلا حزني...ولد من الخاصرة بعد آلام مخاض قاتلة...جبارا...غولا يقتات من روحي ....من جسدي... ويتغوط في ممرات الحياة...
أضحيت لوحة من الخيبات...رنين جزع خامد...عنقودا مرصعا بكآبة تهمس بعبرات تحتضر في الفضاء الغاشي...
وطأة الخيبة تجتاحني....وحمى الكوابيس تهرب بأحلامي الوردية بعيدا...فلا تسألني
لا تسألني...واتركني أبحث عن الفرح الذي يزغرد في عينيك....
احتوي أحضاني المنهكة...وحاول أن تدفىء نهاراتي المتعطشة للأمان...وأن تنير ليالي اليتيمة....
لا تبحث عن ملامحي المنطفاة في وحشة أيامي الباردة.... وساعدني كي أشرق من جديد...كفجر يكسوه الحياء...
انفخ في رماد الأمل...وازرعني في تلك المنطقة...التي تتساوى فيها البدايات بالنهايات...لحظة ولادة الشفق.... لينبت عن يميني القمر...وتنبت عن يساري الشمس...
اسحبني من الضياع...ففي آخر السرداب زنبق وفراش... ورضيعة ارتدت تحبو...ترسم مسيرة عمر وليد.
بقلمي: فدوى الحريزي تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق