الاثنين، 11 يوليو 2022

رسالة الي متشائم بقلم/صخر محمد حسين العزه

 رســالــة إلــى مُــتــشــائــم 

لا يُمكن أنْ تحصد الثِمار دون أن تزرع البِذار ، ولن تجني الثِمار دون ريِّ الأرض بالماء وتخصيب التُربة بالأسمدة ، ولن يكون الحصاد دون مبادرتك بالجد والعمل والمثابرة ، للحصول على ما زرعت ، أو ما صنعت ، فالحياة بدون العمل والجد لن تحصُل على ما تُريد ، ولا تجعل اليأس يطرُق بابك مهما واجهتك الصِعاب ، ولا تدع للتشاؤم منفذاً إلى نفسك ، وضع دائماً نافذة للتفاؤل للحصول على ما تُريد مهما كان الأمرُ صعباً ، فالتشاؤم منبعه اليأس وهو قاتلٌ للطموح ومُثبطٌ للعزيمة والإرادة ، بل ضع كوةً في نفسك لدخول الأمل إليها وللوصول إلى مُبتغاك ، واجعل اتكالك على الله في كُلِّ شيء ، فلعل ما كنت تفكر أنه صعبُ المنال قد ييُسره الله لك دون أن تدري أو تحتسب ، قال الله تعالى عزَّ وجلْ في سورة الطلاق –الاية 1 : { لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا } وقال أيضاً في نفس السورة – الآية 2 : { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا } .

ما أود أنْ أطرحهُ إنَّ حياة الإنسان من بداية خلقه إلى بعثه ومن ميلاده إلى موته ، تحملُ في طياتها مُتناقضات ، فالإنسان يتنقَّلُ ما بين يأسٍ وأمل ، وحُزنٍ وفرح ، وغضبٍ ورِضى ، وما بين حماسٍ وكسل ، وما بيم نجاحٍ وفشل ، وتشاؤمٍ وتفاؤل  وكما قال الشاعر : 

       للمرء في الدُنيا وجمُّ شؤونها                     ما شاء من ربحٍ ومن خُسرانِ 

      فاصبر على نُعمى الحياة وبؤسها                نُعمى الحياة وبؤسها سيَّانِ 

فكُلُّ إنسان ينظر لهذه الأمور من منظار خاصٍ حسب الأحداث التي تمرُّ معه في حياته ، ويتعامل معها من خلال هذا المنظار ، ولكن ما أودُ قوله أنَّهُ لا يجب الإفراط بالتشاؤم ، ونسُدَّ منافذ الحلول ، ولا الإفراط بالتفاؤل ونترك الأمور على عواهنها ، دون معرفة ما هو الأسود أو الأبيض ، فعلينا تمحيص الأمور والتحضير لمواجهة أي طارئِ بعزيمةٍ وإصرار دون فُقدان الأمل ، ولا نسمح لليأس أن يتسلل لأنفُسنا ، ويجب أن نفتح كوةً للنور تتسللُ منها أنوار الأمل والتفاؤل ، وكما قال الشاعر :   

                 أُعللُ النفس بالآمال أرقُبُها                    ما أضيقَ العيشَ لولا فُسحة الأملِ  

فلا تجعل حياتك متأرجحة بين التشاؤم والتفاؤل ، كما أسمى هذه الحالة الكاتب الفلسطيني - إميل حبيبي بعبارته التشاؤل : فتُغلق دونك أبواب الأمل - فلا تجعل حياتك سوداء يُظللها التشاؤم فتحجب الرؤيا عنك أبواب الأمل ، وما نراه من حالات انتحار كثيرة في مجتمعاتنا دافعها اليأس وقوة تجذُر التشاؤم في النفس ، لأننا نكون قد انهزمنا من داخلنا ، فلا تجعل التشاؤم كالسوس الذي ينخرُ في الخشب ، أو كالصدأ الذي يعتري الحديد ، فلا شيء في الحياة ليس له علاجٌ أو حل ، وكُن كالمتفائل ! الذي يرى الأزهار دون الأشواك ، ولا تنظر للأشواك  دون أن ترى الأزهار ، وتفاءل بالخير تجدُه ، فالدُنيا جميلة لمن يراها جميلة ، وحاضرها جميل لمن يعيشه ويتقبله بما فيه ، والمتفائل هو من يضع التفاؤل والثقة بالله نُصب عينيه ، فالثقة بالله والتفاؤل هما النور الذي يُعطي للحياة طعمها ولونها الجميل ، وهما نبراس الأمل الذي يجب أن يحملهُ الشخص أينما ذهب واتجه ، والثقة بالله حبلٌ لا ينقطع وهي نعيمُ حياة وطمأنينة نفس وقُرة للعين وهدوءٍ للبال  والمتشائم عدو نفسه لأنه ينظر إلى نصف الكأس الفارغ ويتناسى النصف المملوء ، وما به من يأس وتشاؤم دليلٌ على ضعف إيمانه بقضاء الله وقدره ، وعدم التوكل عليه ، وغافلٌ عن رحمته التي وسِعت كُلَّ شيء ، قال تعالى مُخاطباً المُتشائمين  في سورة يس – الآيات 18+19 : { قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ(18) قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ(19) } . 

أقول للمتشائمين ، لا تجعلوا للسلبية مكاناً في حياتكم ، وتكون باعثةً على تثبيط الهِمم ودافعة للخمول والشلل وتضعك في دوامة الحيرة في حياتك ، عليكم أن تُحددوا موقفكم من الحياة ، ويجب عليك أن تكبح عوامل اليأس والملل في نفسك ، وعليك أن تنظر الى غيرك فالكثير من الناس لا تُعدُّ ولا تُحصى ، ليس عندهم نصف مقومات الإنسانية ، ولكنهم راضون بما قسمه الله لهم ، وقد يكون وضعك أفضل منهم ، ولكنهم لا يفقدوا الأمل ، فعليك أن تتزود بجرعات من التفاؤل لكي يهدأ بالك وذهنك وتتخلص من جحيم نفسك ، فالتفاؤل يزرع الأمل ، ويُعمِّق الثقة بالنفس ، ويُحفز على النشاط والجد والعمل ، ورُغم كل التحديات التي يواجهها الإنسان فلا بُدَّ أن ينتصر الأمل على اليأس والتفاؤل على التشاؤم ، فالظلام لا يبقى ظلاماً بل ستأتي أشعة الشمس لتبدده وتُنير الكون . 

أُيها المُتشائم إرجع إلى رُشدك ، وراجع نفسك وزودها بالتقوى والإيمان ، والإخلاص بالعبادة بالتوجه إلى الله ، واجعل القُرآن نوراً لقلبك ففيه يكون جلاء القلوب وصفاء الروح وطُمأنينة النفس ، وبذلك ستتحول نظرتك إلى الحياة من التشاؤم إلى التفاؤل ، فجمِّلها بالعطاء والتضحية ومحبة الناس ، قال تعالى في سورة الفتح – الآية : { هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ } . واعلم أيها المُتشائم أن الدنيا دارُ ابتلاء للمسلم وأن الله سيُجازيك بكُلِّ الخير في الآخرة ، إذا صبرت وتقبلت كُل ما يصيبك بابتسامة ورضى بقضاء الله ، قال تعالى في سورة يوسف – الآية 87 : { وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } .

 

  صخر محمد حسين العزة 

 عمان – الأردن 

11 / 7 / 2022

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آه وآه يازمن للمبدعة/مها بركاااات

 ،،،،،،،، آه وآه يازمن،،،،،،،  @@@@@@@@@ آه منك يازمن.. ياللي ملكش أمان كم واحد فيك صالح... وللعِشرة صان كم واحد فيك تمام... راهنت عليه يازم...