ظُلْمُ الزَّمانِ
سَأَلْتُ الزَّمانَ الحالِيَ مَنْ أنْتَ؟
أنا الماضي الحاضِرُ المُسْتَقْبَل
قُرونٌ آلافُ السِّنين الّتي مَرَّت
الأمْسُ اليَوْمُ الغَدُ الدَّهْرُ الطُّوال
أَظْهَرُ كُلَّ مَرَّةٍ بِنَوْع ثَوْبٍ جَديد
يَوْمٌ عَلَيكُم و يَوْمٌ يُداعِبُكُم بَعيد
تَغُرَّنَّكُمْ اِبْتِسامَةُ وَجْهِي يَوْمَ عِيد
كابْتِسامَةٍ بَريئَةٍ لطِفْلٍ مَلاكٍ وَليد
جاءَ إلى الدُّنْيا يَصْرُخُ بأَمَلٍ جَديد
لا يَدْري شَيئاً عَنْ قَدَرِ زَمَنٍ عَنيد
يَمْضي يُسَطِّرُ على هَواه ما يُريد
يَحْمِلُ في ثَناياهُ أَحْداثَ فِتَن
جاءَ أقَرَّ أدَواتِ سُلْطَتِهِ دَجَّن
يُعيدُ ما كانَ مِنها و لَمْ يَكُن
البَحْثُ عَنْ أنيسِ زَمَنٍ ظَعَن
كانَ لِلْبَرايا فيه حُلْمٌ سَكَن
أهْلُ الثَّرى في شِبْرٍ مِنْ كَفَن
زَمَنُ أهْلِ الشَّرِّ أخَذَهُ وَسَن
لَنْ أفْتَحَ بابي لِزَمَنٍ أتى بالغُرَباء
لَنْ أفْتَحَ نَوافِذي لِسُخْنَة الأضْواء
الدُّنْيا تَجَمَّلَتْ بِمَسْحوق السُّفَهاء
اِنْتَشَروا كالفِئْران سَرَقوا حَقَّ العُقَلاء
طالَ زَمَنُ الزَّيْفِ زَمنُ وَحْيِ البُلَداء
يَجوزُ التَّيَّمُمُ عِنْدَ غِيابِ لُجِّ الماء
كاشِفونَ وُجوهَهُم ما غَيَّروا الرِّداء
يُريدونَ بالغِرْبال مَنْعَ نورَ السَّماء
فَإنَّ غُرْبَةَ الأوطَانِ كَغُرْبَة البَيْداء
زَمنٌ تَعَضُّ الأُسودَ كِلابٌ ضائعَة
تَرْقُصُ حَوْلَ َأشْلاءِ جُثَثٍ مَرْمِيَّة
على أرْضٍ شَبِعَتْ مِنْ دِماءٍ بَريئَة
دونَ حُسامِ سَيْفٍ في أيّامٍ صَعْبَة
لا نُريدُ أكْثَرَ مِن رَغيفٍ و كَرامَة
تُرى حَرامٌ الرّاحَةُ في بَلَد العُروبَة
تُرى حَرامٌ الاطْمِئنانُ و السَّعادَة
ما ذَنْبُنا إذا كُنْتُمْ عَشائرَ مُتَقاتِلَة
تُغَيِّرونَ وَلاءَكُمْ و أسْماءَ الآلِهة
بَعدَ سَوادِ اللَّيالِ و اِشْتِدادِ ظُلْمَة
بَعْدَ اِسْتِبْدادِ دَهْرٍ أتى على جِبِلَّة
لا مَفَرَّ مِنْ فَجْرٍ طالِعٍ يَنْعى مَذَلّة
يا زَمَنَ العَبَثِ عُدْ إلى رُشْدِ مَحَبَّة
الصَّبرُ على حِقْدِكَ و زُعافِ ضَغينَة
لَهُ حُدودٌ ما عادَتْ تَتَحَمَّلُهُ طاقة
فاطْلُبِ الصَّفْحَ و تُبْ تَوْبَةً جَلِيَّة
حَذَرِ مِنَ الرَّقْص على حافَة الهاوِيَة
فالسُّقوطُ لا يُحْتَمَل مِنْ عَنْقاء تَلَّة
طنجة 15/02/2021
د. محمد الإدريسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق