الاثنين، 28 يونيو 2021

تنتهي حريتك بقلم/ صخر العزه

 {{ تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الآخرين }}

إن الله عز وجل خلق الإنسان وكرّمهُ عن  خلائقه بأن حباه بالعقل ، ووضع له القوانين التي يسير عليها في حياته ، وارسل له الأنبياء والرسل لكي يبينوا له الطرق القويمه في التعامل في الحياه بجانب عبادتهم لله الواحد الأحد ، وقد أنزل كتبه السماويه من صحف إبراهيم والتوراة والإنجيل وختمها بالقرآن الكريم الذي أتى ناسخا لكل ما قبله ، ليكون هاديا ومنهجا لتسيير الحياه البشريه الجمعاء ، ومن الأمور التي حض عليها القرآن هي الاخلاق والتعامل فيما بين البشر بعضهم مع بعض وقد قال تعالى : يا ايها الناس إنّا خلقناكم  من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن اكرمكم عند الله اتقاكم ) فالله عز و جل يقول أن اكرم انسان عند الله التقي ، أي من كان مؤمنا وتقيا وصاحب أخلاق ، ولا يكتمل دين الإنسان إلا باكتمال خُلُقه وحسن معشره ، ومن آداب الأخلاق التي حض الله وشدد عليها هي إحترام خصوصية كل إنسان لأخيه الإنسان وعدم التدخل في شؤونه ، ولكن أين نحن الآن من هذه الميزه أو الصفه فنجد الكثير من مظاهرها في مجتمعنا مثل النميمه والحسد والنفاق والغيره والتدخل في شؤون الآخرين ، ويوجد صورة أخرى لعدم احترام الخصوصيه في عصرنا الحالي وهو التشهير بالآخرين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي كالفيسبوك والواتسب وجميع أنواع وسائل التواصل الأخرى ويكون وراء ذلك أهداف دنيئه لا يراعى فيها مخافة الله وحرمة وخصوصية الآخرين ، قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قومٌ من قوم عسى أن يكون خيراً منهم ، ولا نساءٌ من نساءٍ عسى ان يكن خيراً منهن ، ولا تلمزوا انفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الإسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فاولئك هم الظالمون ) 

 ومفهوم الخصوصيه هو الحق الذي يملكه الإنسان في المحافظه على سرية معلوماته وعلاقاته الشخصيه ، حيث أن كل إنسان له مطلق الحق بأن يكون بعيدا عن كشف اسراره وخصوصياته أو تعريض بياناته ومعلوماته للنشر دون موافقته على ذلك ، فإن احترام خصوصية الآخرين هو أكثر الأمور التي تعبر عن مدى تحضر الإنسان وقيمه في الحياه ومستوى الوسط التي يعيش فيها 

فمن آداب ديننا السمحه والتي دعمتها شريعتنا الإسلاميه هي إحترام خصوصية الآخرين ، والإلتزام بهذا الأدب الرفيع يجعل الإنسان مطمئن القلب راضي النفس ، والطريق الى تحقيق هذا الهدف هو حُسن علاقته بالآخرين والحفاظ على مشاعرهم ، واحترام خصوصياتهم وعدم التلصص أو التجسس عليهم والبحث عن مساوئهم وتجاوزاتهم وذلك لحاجة في نفس يعقوب ، فاحترام الحياة الخاصه للآخرين في الإسلام لها أوجه وصور متعدده فمنها آداب الإستئذان واحترام حرمات البيوت وخصوصيات من يقيمون فيها وقد قال الله عز وجل : ( يا ايها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ، ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون ، فإن لم تجدوا فيها أحداً فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم ، وإن قيل لكم إرجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعلمون عليم ، ليس عليكم جُناحٌ أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاعٌ لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون ) . فلو نحن التزمنا بما نصت به الايه الكريمه ، فلن تجد النزاعات والمشاكل بين الأقارب والجيران ، وكل ذلك نتيجة الخروج عن آداب الإسلام وانتهاك حرمة البيوت وكشف اسرار اهلها  

ومن الأمور التي حض عليها الإسلام  ترسيخ صفة ( حُسن الظن ) حتى يقام المجتمع على صفاء النفوس وتبادل الثقه بين افراده ، لا على الريب والشك والتهم والظنون ، وهذا يوفر لأفراد المجتمع أن يعيشوا بسلام  واستقرار بعيدا عن الإضطراب والقلق ، فيجب تحري الدقه عن أي معلومه تنقل قبل أن نلقي اللوم على الآخرين قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنباٍ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتُصبحوا على ما فعلتم نادمين ) وقال تعالى ايضا : ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ، إن بعض الظن إثم ، ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله توابٌ رحيم ) 

فعلى الإنسان أن لا يسئ الظن بأخيه المسلم وأن لا يحكم على امر أو الطعن في أخيه بدون دليل مثبت أو بينة ناصعه وقد قال رسولنا الكريم : ( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ) ومن الصور الظن أيضا  التجسس على بعضنا وقد جاء الأمر الألهي واضحا وحاسماً إذ قال ( ولا تجسسوا ) وهذا نهي إلهي لعدم التجسس على بعضنا وهو نوع من عدم احترام الخصوصيه ويأتي نتيجة غياب الثقه وسوء الظن بالآخر ، ومن الأمور التي حض عليها الإسلام إحترام خصوصية المريض ، وذلك من خلال الأطباء الذين يعالجونه أو من يقومون برعايته او ممن يزورونه ، فالعلاقه بين الطبيب والمريض يجب ان تكون قائمه على الثقه المتبادله والمحافظه على سرية حالة المريض وعدم البوح بوضعه للآخرين 

فالإسلام يرسخ أدب الحفاظ على أسرار الناس وستر عوراتهم وعدم التدخل بخصوصياتهم ، ولا ينظروا لهذا الأمر على أنه من الآداب والفضائل التي يتزين بها الإنسان فقط بل هو واجب ديني واخلاقي وإجتماعي على كل أنسان أن يتحلى به ، وكمال المجتمع بكمال أبنائه بدينهم وخلقهم وتعاملهم وتوادهم فيما بينهم دون ظنٍ أو غيرة أو حسد قال رسول الله : ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ، فالإعتداء والإيذاء للغير ولو بكلمه أو نظره مذموماً شرعاً )


 صخر العزه 

عمان – الأردن

17 / 1 / 2020

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آه وآه يازمن للمبدعة/مها بركاااات

 ،،،،،،،، آه وآه يازمن،،،،،،،  @@@@@@@@@ آه منك يازمن.. ياللي ملكش أمان كم واحد فيك صالح... وللعِشرة صان كم واحد فيك تمام... راهنت عليه يازم...