الخلاف والاختلاف
خلق الله الإنسان وأنعم عليه بالعقل للتفكر والبحث وحث الناس على التعاون فيما بينهم ، إذ قال تعالى :
( يا ايها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) وخلق الناس طبقات أو درجات وقال تعالى : ( وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعضِ درجات ليبلوكم في ما آتاكم إن ربّكَ سريع العقاب وإنهُ لغفورٌ رحيم ) فالإنسان هو خليفة الله على الأرض وجعلهم أيضا درجات او طبقات وفاوت في الأرزاق والأخلاق والمحاسن والمساوئ والمناظر والأشكال والألوان ، وقد اختلف الإنسان ايضا بين شخص وآخر في التفكير
إن الله عندما خلق الإنسان وفُطِر كل إنسان بميزه تخصه عن الآخر فالعقل والدماغ واحد ، لكن التفكير يختلف من شخص إلى آخر ، وجعلهم طبقات من ناحيه علميه أو إجتماعيه ، فلو كان البشر جميعهم لهم التفكير نفسه والطبقة نفسها فكيف سنرى الحياه ؟ فلهذا أوجد الله الاختلاف والتنويع ، وكما قلنا سابقاً إن الله دعا بني البشر إلى التعاون فيما بينهم ، وبالمقابل فأن تنوع مجالات الحياه أوجدت الآراء المختلفه والمصالح المتناقضه وبهذا يحُدث الاختلاف والخلاف بين الناس وهذا أمر طبيعي ونتيجه منطقيه تقتضيها القضايا الإنسانيه واقتضتها المغايره والتفاضل بين الناس ، ولذلك كان القبول بالإختلاف والإقرار به أمر لا غنى عنه بين الناس ، ولكن ما هو الفرق بين الخلاف والاختلاف
فالخلاف هو عدم الاتفاق بين شخص وآخر على امر أو مصلحه معينه دون الوصول إلى نتيجه مرجوه لحل الخلاف الذي حصل ، أما الاختلاف فهو الإختلاف على رأي في حل قضيه معينه وكل فردٍ يطرح مسألته للوصول إلى النتيجه المطلوبه فهنا تختلف الآراء ولكن الهدف واحد وكما يقال : إختلاف الرأي لا يفسد للود قضيه ، فيكون الهدف من الاختلاف هو لهدف مشترك نختلف فيه على الطريق الأسلم والأفضل للوصول الى حلٍ ونتيجة ترضي جميع الأطراف بدون نزاع أو خلاف أو شقاق ، فالاختلاف يتحد فيه القصد ونختلف في الطريقه أو الرأي للوصول إليه ، أما الخلاف فيختلف فيه القصد ويختلف معه الطريق للوصول إليه فينشب الخلاف والنزاع ، والاختلاف يستند إلى دليل والخلاف لا يستند إلى دليل فكل فردٍ يتشبث برأيه بدون الوصول إلى نتيجه ، فالاختلاف هو التباين في الرأي والمغايره في الطرح والخلاف هو المخالفه والمعارضه والاختلاف يعني نوع من أنواع التسلسل والتناغم والخلاف ليس فيه تكامل أو تناغم عكس الاختلاف ، والاختلاف لا يدل إلى القطيعه والخلاف يؤدي إلى القطيعه والخلاف هو افتراق طرفين في الوسائل والغايات وبينما الاختلاف هو افتراق الطرفين في الوسائل ولكن الغايه واحده ، وتعود أسباب الاختلاف بين الناس إلى ما يأتي :
1- تفاوت الناس بالفهم وتفاوت المقاصد والمصالح
2- التفاوت في المواقف والمعتقدات بين الناس
3-التفاوت المعرفي وهذا يقع في الإختلاف بين شخص وآخر
4- إختلاف الظروف والأحوال
أما اسباب الخلاف وهي كالآتي :
1 – النزعه الفرديه للإنسان
2- إتباع الهوى والتعصب للرأي الشخصي حتى لو كان على خطأ وهذا مدعاة للخلاف
وخلاصة ذلك أن الخلاف والاختلاف أمر طبيعي في الحياه ويجب علينا أن نُحسن التعامل فيما بيننا ، وأن لا يؤثر الخلاف والإختلاف على وجود المحبه والإحترام بين المتخالفين ، وأن نقبل الاختلاف وفق ضوابط وشروط خاصه ولا نسعى للخلاف الذي يؤدي إلى الفرقه والنزاع والفشل ، وعلينا أن نلتمس الأعذار لبعضنا ، وعدم تفهمنا لبعضنا هو سبب الكثير من الخلافات فالتماس العذر للآخر من أهم المفاهيم الغائبة عن كثير منا فى تعاملاتنا المختلفة، وهذا منهج إسلامي دعانا الله تعالى له وحثنا عليه رسوله الكريم وطبقه الصحابة والتابعون والعلماء عبر العصور، عندها لن تحمل الصدور كرهاً ولا حقداً ولا غلاً ولن يسىء أحد الظن بغيره، امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا».
صخر محمد حسين العزه
عمان – الأردن
19/2/2021
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق