الأربعاء، 30 يونيو 2021

قلب الشاعر بقلم/ العلمي الدريوش

 ...      قَلْبُ الشَّاعِرِ


مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ

إِلَى آخِرِ النَّهَارْ..

مُشْرَعٌ هَذَا الْقَلْبُ

كَمَقْهَى فِي مَحَطَّةِ الْقِطَارْ 

وَكَمَلْهىً عُمُومِيٍّ أَبْوَابُهُ لَا تُقْفَلْ..

إِلَيْهِ تَحُجُّ أَصْنَافُ الْخَلْقِ 

يَدبُّ فِيهِ الْكِبَارُ وَالصِّغَارْ.


يَأْتِي طَائِرٌ مُهَاجِرٌ 

فِي مَوْسِمِ التَّكاثُرِ وَالْقُبَلْ

يُغَازِلُ أُنْثَاهُ بِعُشِّ الْقَلْبِ..

يَتْرُكُ مِنْ صُلْبِهِ بَسْمَةً لِلْحَيَاة وَيَرْحَلْ. 


تَأْتِي امْرَأَةٌ حَامِلٌ ،

مَا تَزَوَّجَتْ يَوْماً 

وَلَمْ يَمْسَسْهَا ذَكَرْ ،

تَضَعُ مَوْلُودَهَا بِجِذْعِ الْقَلْبِ

وَتسْأَلْ:

هَلْ يَفْهَمُ الْقَلْبُ مَا لَمْ يَفْهَمْهُ عَقْلُ الْبَشَرْ؟


 يَأْتِي مَصِيفٌ قَائِظٌ،

يُوَدِّعُ سَنَابِلَهُ ،

وَيُلْقِي لِكَفِّ الْقَلْبِ 

بِمِنْجَلٍ وَمِنْخَلْ.


يَأْتِي حِصَانٌ جَامِحٌ ،

يَقِفُ بِبَابِ الْقَلْبِ

يَضْرِبُ بِحَافِرِهِ مَوْضِعَ النَّبْضِ

وَيَصْهَلْ:   

أُرِيدُ مُهْرَتِي 

بِغُرَّتِها البَيْضَاءَ

وَجِيدِهَا الْأَشْقَرْ.


يَأْتِي بُسْتَانِيٌّ مَاهِرٌ ،

يُشَذِّبُ بُسْتَانَ الْقَلْبِ وَقَدْ أَزْهَرْ..

فَيَنْضَحُ بِطِيبِ الْوَرْدِ

مِقَصٌّ وَمِعْوَلْ.


تَأْتِي قَرْيَةٌ مُتْعَبَةٌ،

تَشْكُو مِنْ سَحَابٍ خَائِنٍ

مَرَّ فَوْقَ شِفَاهِهَا وَمَا أَمْطَرْ..

تَنْحَنِي أَمَامَ نَهْرِ الْقَلْبِ

وَتَنْهَلْ.


تَأْتِي بَائِعَةُ الْهَوَى،

وَنِصْفُ عُمْرِهَا عَلَى الرَّصِيفِ تَكَسَّرْ،

تَقِفُ أمَامَ مِرْآةِ الْقَلبِ بَاكِيَةً ،

تَضَعُ أَحْمَرَ الشِّفَاهِ

وَتَقْذِفُ لِلْعَيْنِ بِلَيْلِهَا الْأَكْحَلْ.


يَأْتِي جُنْدِيٌّ عَائِدٌ مِنْ مُعَسْكَرْ ،

يُغَيِّرُ بِذْلَتَهُ الْعَسْكَرِيَّةَ..

يَنَامُ طَوِيلاً بِمَهْدِ الْقَلْبِ..

يَحلُمُ أَنْ لَا يَقْتُلَ

وَأَنْ لَا يُقْتَلْ.


يَأْتِي رَضِيعٌ جَائِعٌ،

جَفَّ ثَدْيُ أُمِّهِ بَاكِراً

وَأسْكَتَوا صَوْتَهُ بِقِطْعَةِ سُكَّرْ،

يَأْخُذُ رَضَّاعَةَ الْقَلْبِ  

وَيَشْرَبُ الْحَليِبَ الَّذِي لَا يَمْحَلْ.


يَأْتِي صَغِيرٌ يَافِعٌ

فِي دَرْبِ الْحُرُوفِ تَعثَّرْ،

يَفْتَحُ دَفْتَرَ الْقَلْبِ

وَيَكْتُبُ دَرْسَهُ الْأَوَّلْ.


يَأْتِي مَنْ يَطِيرُ 

وَيَأتِي مَنْ يَسِيرُ

وَمَنْ دَبَّ وَمَنْ أَبْحَرْ.. 

يَأْتِي الْأَنَامُ 

وَالدَّوَابُّ وَالْهَوَامُ،

وَتَأْتِي الْقَاصِرُ وَالثَّيِّبُ وَالْكَهْلُ وَالْغُلَامُ،

وَتَأْتِي سَائِحَةٌ وَجَائِحَةٌ

وَيَأْتِي بَدْوٌ وَرُحَّلْ..


يَصْرُخُ الشَّاعِرُ رَاجِفاً

بِوَجْهِ قَلْبِهِ الْمُثْقَلْ:

يَا أَيُّهَا الْقَلْبُ الْمُغْرَمُ وَالْمُثْخَنْ

وَأَنْتَ بِحَجْمِ الْأَرْضِ

كَيْفَ فِي الصَّدْرِ الصَّغِيرِ الْمُتْعَبْ..

كَيْفَ .. كَيْفَ تُحْمَلْ !؟


 العلمي الدريوش

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آه وآه يازمن للمبدعة/مها بركاااات

 ،،،،،،،، آه وآه يازمن،،،،،،،  @@@@@@@@@ آه منك يازمن.. ياللي ملكش أمان كم واحد فيك صالح... وللعِشرة صان كم واحد فيك تمام... راهنت عليه يازم...