بين يدي رمضان
_____________
رمضان أقبل والذنوب كثير
والقلب من خوف الذنوب كسير
كل عام وانتم بخير ،
ها قد اهل هلاله ،
وها نحن في شهر شعبان ،
يفصلنا عنه فركة كعب ،
كان الرسول عليه الصلاة والسلام اكثر ما يصوم في شعبان ويقول عنه : شهر بين رجب ورمضان يغفل الناس عنه ،
وقد اعتاد مشايخنا ان يخصوا ليلة النصف من شعبان بالإحتفال ويحثوا على صيام يومها ، اي يوم النصف من شعبان ،
استمعت اليوم لاحد مشايخنا الافاضل يتكلم في ذلك ويفيض فيه دون ان يبين لنا لماذا هذه القدسية لهذه الليلة ،
التقرب إلى الله مطلوب صياما وقياما ودعاء وفي كل وقت ،
ولكن الرسول لم يذكر خصوصية لليلة النصف من شعبان فيما اعلم ،
وإنما كان يكثر من الصيام فيه لانه يأتي بين رجب ورمضان والناس تغفل عنه ،
لقد اكثر شيخنا ( وأظن بقية المشايخ يفعلون ذلك ) في سرد
ما يناله المسلم من اجر وثواب ، ولم يترك بابا من ابواب الخير من هذا الوجه إلا وذكره ،
وكنت أنصت إليه وكلي آذان صاغية ، انتظر كلمة أو إشارة إلى فعل عملي من أفعال الخير ولكنه خيب ظني ،
وكأن إطعام فقير أو علاج مريض معدم أو تقديم العون لطالب علم لا يجد ثمن الكتب أو اقساط الجامعة التي اصبحت استثمارا أكثر منها منارات علم ليس من أعمال البر التي ينال فاعلها الاجر والثواب العظيم ،
سأتولى عنه ذلك ،
ياتي رمضان ولا يزال الناس يعانون من جائحة / الكورونا وما فعلته ،
ياتي رمضان في ظلال الحرب الروسية الأوكرانية وما ترتب ويترتب عليها من غلاء مروع في كل امور الحياة ،
ياتي رمضان والأسعار في تزايد تراكمي لا يتوقف ،
الأمر الذي يدفع بعض التجار إلى تخزين واحتكار المواد الغذائية لزيادة الكسب المادي على حساب المواطن الفقير ،
ياتي رمضان في ذيل موسم شتاء لم يجد كثير من الناس زجاجة بترول لدفاية من برد يفري الجلد والعظم ،
كثيرون لا يقدرون على تسديد فواتير الغاز والكهرباء والماء ،
ناهيك عن شظف العيش في ظل فقر مدقع وبطالة تمسك بخناق المواطن الذي يمر كثيرون منهم من امام محلات الجزارة ليروا شكل اللحمة الذي نسوه ، بحيث اصبحت علبة السردين ترفا لا يقدر عليه الكثيرون ،
من لا يصدق فلينظر إلى مخيمات المشردين ،
لا تستغرب عندما تقرأ او تسمع ان الكثيرين من هؤلاء المبتلين يتسللون إلى حاويات القمامة علهم يجدون دجاجة ميتة او فضل طعام يأخذونه على استعجال خوفا من ان يشاهدهم احد ،
وفي الجانب المقابل نجد الكروش المنفوخة متخمة لا تلقي بالا لجار ضعيف او مريض او عائلة جائعة ، او طفل رضيع لا يجد والده ثمن زجاجة حليب ،
لا نجد صاحب عقار يرأف بحال مستأجر لا يجد قوت يومه ،
وغير ذلك كثير مما لا يخفى على كل ذي عين بصيرة ،
ثم نرى المساجد تغص بالمصلين في رمضان وخاصة صلاة التراويح ، وكأن الإسلام هو صلاة فقط ،
لم يقراوا ان الزكاة هي حق الفقراء في مال الأغنياء ،
وجميع آيات الصلاة مقرونة بالزكاة :
وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة )
لم يقرأوا آيات الإنفاق والصدقة في سورة البقرة :
الآيات من ٢٦١ إلى ٢٧٤ تتحدث عن الصدقة
وأعود لشيخنا المبجل ،
إياك اعني يا شيخ وكل الشيوخ ،
عمدت إلى محاضرة كاملة عن ليلة لم يرد لها فضل على غيرها وانت تحث على صيامها وقيامها والدعاء فيها ،
وهذا كله جميل ومطلوب واضم صوتي إلى صوتك في الجانب التعبدي للإسلام ،
ولكن أين الجانب الإجتماعي والاخلاقي والتربوي واعمال البر والخير بانواعها ،
( والله لا يؤمن من بات شبعانا وجاره جائع )
إقرأ واقرأوا الآية ٣٦ من سورة النساء ،
قرن سبحانه وتعالى العبادة بالإحسان :
( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى اليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم ،
إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا )
( إحسانا )
نكرة تفيد العموم وتستغرق كل أشكال الإحسان ،
نعم ،
التقرب إلى الله بالطاعات التعبدية والنوافل مطلوب وبشدة ،
ولكن هناك جانب آخر ،
فاين هو في أجندتنا جميعا ؟!!
والله من وراء القصد ،
مدحت رحال ،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق